يتفرقا من مكانهما)، وقد فرق بعضهم بين التفرق والافتراق، فقال: التفرق بالأبدان، والافتراق بالكلام، يقال: فرقت بين الكلامين فافترقا، وفرقت بين الرجلين فتفرقا، وإن كان الحق أنهما سواء، وأيضًا إنما يسميان متبايعين بعد العقد.
وذهب الذين لا يثبتون خيار المجلس أن المراد التفرق بالأقوال، وهو الفراغ من العقد، فيكون المعنى: ما لم يتم العقد، فلما تم العقد فلا خيار، ونظيره قوله تعالى:{وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ}[النساء: ١٣٠]، فإن المراد تفرق الزوج والزوجة بالطلاق وهو بالقول، ومن المعلوم أن الزوج إذا طلق امرأته على مال فقبلت ذلك حصل التفرق بينهما بذلك، وإن لم يتفرقا بأبدانهما، والمراد بالمتبايعين المتساومان، وتعقب بأن ثبوت الخيار قبل تمام العقد ظاهر لا حاجة إلى بيانه، وحمل البيع على السوم مجاز، إلا أن يقال: المقصود الحكم المذكور في الغاية، وهذا المجاز شائع بتسمية الشيء باسم ما يَؤُول إليه أو يقرب منه، وقد وقع في الحديث:(لا يَبعْ أحدكم على بيع أخيه)(١)، أي: لا يَسُمْ على سومه.
وقوله:(إلا بيع الخيار) ذكروا فيه وجوهًا:
أحدها: أنه مستثنًى من مفهوم الغاية؛ لأن مفهومه أنهما إذا تفرقا سقط الخيار ولزم العقد إلا بيع الخيار، أي: بيع شرط فيه الخيار، فإن الخيار باق إلى أن يمضي الأجل، وهذا التوجيه جار على المذهبين.
وثانيها: أنه مستثنى من أصل الحكم، والمضاف محذوف من قوله:(بيع الخيار)، أي: بيع إسقاط الخيار ونفيه، أي: الخيار ثابت إلا إذا شرط عدم الخيار.