للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِنِّي كَاتَبْتُ عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ وَقِيَّةٌ فَأَعِنِينِي، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَّةً وَاحِدَةً وَأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، وَيَكُونُ وَلَاؤُكِ لِي، فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِهَا فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "خُذِيهَا وَأَعْتِقِيهَا". ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فِي النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بعد! فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ، فَقَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٢١٦٨، ٢٥٦٣، م: ١٥٠٤].

ــ

وقوله: (أن أعدَّها عدة) بفتح العين للمرة، أي: أشتريك منهم، ولعلها عجزت عن أداء بدل الكتابة، وأجاز بعض العلماء -ومنهم مالك وأحمد- بيع المكاتب، وقالوا: ولكن لا تنفسخ كتابته، حتى لو أدى النجوم إلى المشتري عتق.

وقوله: (خذيها وأعتقيها) ويكون الولاء لك، وشرطُ كون الولاء لهم باطل.

وقوله: (شروطًا ليست في كتاب اللَّه) أي: في حكم اللَّه، أو ليست على مقتضى حكم كتاب اللَّه، وقيل: يتوهم أن هذا متضمن للخداع والتغرير، فكيف أذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأهله بذلك؟ والجواب: أنه كان جهلًا باطلًا منهم، فلا اعتداد بذلك.

وأشكَلُ من ذلك ما ورد في بعض الروايات: (خذيها واشترطي الولاء لهم، فإن الولاء لمن اعتق)، والجواب باشتراط لهم تسليم قولهم الباطل بإرخاء العنان دون إثباته لهم، وقد يجاب بأن قوله: (لهم) بمعنى: عليهم، كما في قوله تعالى: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غافر: ٥٢]، أي: عليهم، وحديث بريرة له طرق كثيرة مذكورة في الصحاح وغيرها، والكلام فيه طويل فراجع إليها، واللَّه أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>