للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِنَّ مَن تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ، وَلَا تَشْرَبَنَّ خَمْرًا؛ فَإِنَّهُ رَأَسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ، وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصيَةَ؛ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ، وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ، وَإِذا أصَابَ النَّاسَ مَوْتٌ وَأَنت فيهم فَاثْبتْ،

ــ

وقوله: (وإياك والمعصية) وإن كانت صغيرة.

وقوله: (فإن بالمعصية) اسم (إن) ضمير الشأن محذوف، وحكم النحاة بضعف حذفه مع (إن) المكسورة مردود؛ لوقوعه في الأحاديث.

وقوله: (فإذا أصاب الناس موت) أي: طاعون ووباء، (فاثبت) الأصل أن الطاعون إذا دخل في بلد لا يجوز الخروج عنه، وإذا كان خارجًا لا يجوز الدخول فيه، أما الدخول فيه فلأنه تعرّض للبلاء، وإلقاء للنفس في التهلكة، وهو منهي عنه في الشرع، ومخالف لمقتضى العقل.

وأما الخروج عنه فلأن الطاعون والوباء يكون في الغالب عامًّا وشاملًا لعامة أهل البلد، فإذا وقع علم أنه سرت في نفوسهم عامة فلم يفد الخروج؛ لأنه إذا صار وجود المفسدة والعلة تيقنًا والانفكاك عنه غير متوقع؛ كان الاحتراز والفرار عنه عبثًا؛ ولأنهم إذا توافقوا على الخروج ضاع الذين عجزوا عن الخروج بالمرض المذكور أو بغيره، ويفقد من يتعهد ويتفقد أحوالهم في الحياة وبعد الممات، وأيضًا فيه كسر قلوب الضعفاء، وهذا هو الحكمة في ورود الوعيد على الفرار من الزحف.

هذا، وفي ذكر الثبوت عند إصابة الناس الموت مع التبعيد عن الفرار يوم الزحف إشارة إلى أنه في حكمه، وقد وقع ذلك صريحًا في حديث روته عائشة -رضي اللَّه عنها- أن الفرار عن الطاعون كالفرار عن الزحف، ويستلزم كونه كبيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>