الاختيار فيه، ثم إذا استمرّ وجال في الصدر يسمّى الخاطر فهو معفو عن هذه الأمة فضلًا من اللَّه وتكريمًا لنبيهم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في حكم السهو والنسيان اللذين رفعا عن هذه الأمة.
ثم إذا همّ بالمعصية في قلبه بالمحبة والتلذذ كما يقصد الوصول إلى امرأة يحبها، فهذا أيضًا مرفوع، ولا يكتب ما لم يعمل، بل تكتب حسنة إذا همّ وكفّ نفسه عن العمل، وقد وردت فيه أحاديث متعددة.
وههنا قسم آخر، وهو العزم، وهو توطين النفس على المعصية، وعقد القلب بها، والتهالك عليها بحيث لا يمنعه عنها إلا عدم تهيؤ الأسباب من خارج، وليس في نفسه مانع وكراهة ونفرة منها، ويؤاخذ عليه؛ لأنه من أعمال القلب، والعبد مؤاخذ عليها، ومن هذا القبيل العقائد الفاسدة ومساوئ الأخلاق، والهم الذي ذكرنا سابق عليه، وليس المراد به القصد الذي يقع به الفعل ويقارنه، وقد يذكر بمعنى العزم، ويقال بالمؤاخذة، لكن العبرة للمعنى.
وينبغي أن يعلم أن عزم الزنا ليس في حكم حقيقة الزنا، والمؤاخذة عليه مؤاخذة الزنا، بل هو معصية في نفسه أدنى من الزنا، وبهذا التحقيق ينحل كثير من الإشكالات، ويحصل به التطبيق في الأحاديث والآيات، فتدبر.
وقوله:(ما لم تعمل) في الأفعال، (أو تتكلم) في الأقوال.