للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبَ، فَأَقْطَعُهُ إِيَّاهُ، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا أَقْطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَرَجَعَهُ مِنْهُ، قَالَ: وَسَأَلَهُ: مَاذَا يُحْمَى مِنَ الأَرَاكِ؟ قَالَ: "مَا لَمْ تَنَلْهُ أَخْفَافُ الإِبِلِ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ. [ت: ١٣٨٠، جه: ٢٥٠٠، دي: ٢/ ٢٦٨].

ــ

وقوله: (فاستقطعه) أي: سأله أن يُقطعه إياه فأسعفه إلى ملتمسه.

وقوله: (إنما أقطعت له الماء العدّ) بالكسر والتشديد: ماء له مادة لا ينقطع كالعين والأكثر والقديم، والظاهر هنا معنى الكثرة بدلالة قوله في رواية أخرى: (ما يقف دونه العد) بالفتح، وفي (المشارق) (١): العِدُّ بكسر العين: الماء المجتمع المعين، وجمعه أعداد.

وقوله: (فرجعه) من المرجع المتعدي، أي: أرجع الملح المذكور منه، ولم يعطه، ظن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن القطيعة معدن يحصل من الملح بعمل وكدّ، ثم لما قالوا: إنه مثل العد لا عمل فيه ولا كدّ، رجع من الإعطاء، فعلم منه أن إقطاع المعادن إنما يجوز إذا كانت باطنة لا ينال منها شيء إلا بتعب ومؤنة، وإن كانت ظاهرة يحصل المقصود منها من غير كدّ وتعب لا يجوز إقطاعها، بل الناس فيها سواء كالكلأ ومياه الأودية.

وفيه: أن الحاكم إذا حكم ثم ظهر أن الحق في خلافه رجع عنه.

وقوله: (وسأله) أي: سأل أبيضُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: (ماذا يحمى) بلفظ المجهول، والمراد بالحمي الإحياء لا الحمي، لأنه لا يجوز لأحد أن يخصه.

وقوله: (ما لم تنله أخفاف الإبل) أراد به البعيد من المرعى، ففيه دليل على أن


(١) "مشارق الأنوار" (٢/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>