للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَا تَرَكَتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ،

ــ

والمحنة، والمال، والأولاد، واختلاف الناس في الآراء، وفَتَنَه يفتنه: أَوْقَعَه في الفتنة، كَفتَّنَهُ وأَفْتَنَهُ فهو مُفْتَّنٌ ومَفْتُونٌ، ووقع فيها، لازمٌ ومتعدٌ، كافتتن فيهما، وإلى النساء، أراد الفجور بهن.

وفي (مجمع البحار) (١): {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ} [البروج: ١٠] حرقوهم، من فتنت الفضة بالنار ليتميز رديئها من جيدها، {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} [المائدة: ٤١] اختباره أو كفره {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: ٦]، أي: الفتون، أي: الجنون، أو الباء زائدة {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ} [الصافات: ١٦٢]، أي: على اللَّه بمضلين، وإنكم تفتنون في القبور، أي بمسألة منكر ونكير، من الفتنة وهو الامتحان، وأصل الفتنة الامتحان، ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر، والقتال والإحراق، والإزالة والصرف عن الشيء.

وقوله: (حتى فرقت بينه وبين امرأته) قال التُّورِبِشْتِي: أما استبشار الشيطان بمن فرق بين الرجل وامرأته، واستحسانه لذلك؛ فلأن الملعون حل عقدة عقدها الشرع، وترك الزوجين بمضيعة من تحصين الدين، وذلك عنده من جلائل الأمور، وعظائم الشؤون، انتهى.

والظاهر من كلامه أن غرض اللعين إيقاع بني آدم في الذنوب والمعاصي حتى يعذبوا ويهلكوا، وذلك من عداوته لهم، ولكن لا خصوصية لذلك بالزوجين، فلذلك قال الطيبي (٢): يريد حل ما يعقده الشرع ليستبيح ما حرمه، فيكثر الزنا وأولاد الزنا، فيفسدوا في الأرض ويتعدوا حدود اللَّه، ومن ثم ورد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا يدخل الجنة ولد زنية)، انتهى.


(١) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٩٩).
(٢) "شرح الطيبي" (١/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>