للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي جَزيرَةِ الْعَرَبِ،

ــ

الطيبي (١): المراد بالمصلين المؤمنون، وبعبادة الشيطان عبادة الأصنام، والمعنى: إن الشيطان أيس أن يعود أحد إلى عبادة الصنم، ولا يرد على هذا [ارتداد] أصحاب مسيلمة ومانعي الزكاة وغيرهم ممن ارتدوا [بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-]؛ لأنهم لم يعبدوا الصنم، انتهى.

وقال التُّورِبِشْتِي: أراد بالمصلين المؤمنون الذين يقيمون الصلاة، أي: أيس أن يرتدوا عن دينهم، فإن قال قائل: كيف بمن ارتد من أصحاب مسيلمة والعنسي وغيرهما؟ فالجواب أن يقول: إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يخبر عنهم أنهم لا يفعلون ذلك، وإنما أخبر عن اليأس الذي استشعر الشيطان منهم أن يعودوا في طاعته، فلا تضاد بين هذا الحديث وبين القضية التي ذكرت.

ويحتمل معنى آخر، وهو أنه أشار -صلى اللَّه عليه وسلم- أن المصلين من أمتي الذين يقيمون الصلاة دينا وملة لا يجمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان كما فعلته اليهود والنصارى، وذلك أن تقول: معنى الحديث: أن الشيطان أيس من أن يتبدل دين الإسلام، ويظهر الإشراك، ويستمر ويصير الأمر كما كان من قبل، ولا ينافيه ارتداد من ارتد، بل لو عبد الأصنام أيضًا لم يضر في المقصود (٢)، فافهم.

وقوله: (في جزيرة العرب) وإنما خص جزيرة العرب لأن الدين لم يتعدّ عنها، كذا قال التُّورِبِشْتِي، وقال شيخنا ومولانا الشيخ عبد الوهاب المتقي -نفعنا اللَّه ببركاته وبركات علومه في بعض تعليقاته-: اعلم أن عبارات الناس اختلفت في تحديد أرض


(١) "شرح الطيبي" (١/ ٢٠٨).
(٢) في "التقرير": قيل: ليس بإخبار، بل بيان كثرة شوكة الإسلام، فلا يضر وقوعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>