للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُها؟ قَالَ: "أَنْ تَسْكُتَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٦٩٦٨، م: ١٤١٩].

ــ

ولا تنكح البكر حتى تستأذن) الأيم بفتح الهمزة وكسر الياء المشددة: المرأة التي لا زوجَ لها، ثيبًا كانت أو بكرًا، صغيرة كانت أو كبيرة، والمراد هنا الثيب بقرينة مقابلتها بالبكر، وإنما قال ههنا: (تستأمر) بمعنى يُطلَب أمرُها وتُستشارُ؛ لأنها قد تأمر وتشير صريحًا، ولا تستحيي عن ذلك بخلاف البكر، فإنها تستحيي عن التصريح، بل تأذن وترضى ولو بالسكوت.

وهذا الحديث يفيد بظاهره أنه لا يجوز النكاح بلا إذن المرأة، لكنْ للعلماء فيه تفصيلٌ، فجملة الأقسام أربعة: ثيب بالغة، وبكر صغيرة، وثيب صغيرة، وبكر بالغة، ففي الثيب البالغة اتفقوا على أنه لا يجوز تزويجها بدون إذنها بشرط أن تكون عاقلة، وكذلك في البكر البالغة عندنا، واتفقوا أيضًا على أنه لا حاجة إلى إذن البكر الصغيرة، وكذلك في الثيب الصغيرة عندنا، فمبنى الولاية وعدمها عندنا البلوغ والصغر كما في الأموال، دون الثيابة والبكارة، وعند الشافعي بالعكس؛ لأن البكر جاهلة بأمر النكاح لعدم التجربة والثيب عالمة به، فالحديث محمول على البالغة عندنا سواء كانت ثيبة أو بكرًا.

وقوله: (ولا تنكح البكر حتى تستأذن) حجة على الشافعي، فافهم، ثم عنده لا بد من إذن الولي وتوليته عقد النكاح، وإن كانت ثيبة بالغة وجب إذنها، فإن النكاح لا ينعقد عنده بدون الولي، ولا ينعقد بعبارة النساء، وعندنا لا حاجة إلى ذلك، فالبالغة العاقلة بكرًا كانت أو ثيبًا مالكةُ نفسِها، تتصرف في حقها كيف تشاء كتصرفها في الأموال، فلها اختيار الأزواج، وإنما يطالب الولي بالتزويج كيلا تنسب إلى الوقاحة،

<<  <  ج: ص:  >  >>