قال في (القاموس)(١): وعده الأمر، وبه، [يَعِدُ] عدة ووَعْدًا ومَوْعِدًا ومَوْعِدَةً ومَوْعُودًا ومَوْعُودَةً، خيرًا وشرًا، فإذا أُسقِطا قيل في الخير: وعد، وفي الشر: أوعد، وقالوا: أوعد الخير وبالشر، وقيل: ذلك التمييز إنما هو عند الإطلاق، وأما ههنا فالفارق موجود بلا التباس، وهو لفظ الخير والشر، وقد يروى (فاتعاد) بلفظ الافتعال في الموضعين أو في الثانية.
قال التُّورِبِشْتِي: الرواية المعتد عليها في الموضعين بلفظ الإفعال، والذي يروي بأنه من باب الافتعال فإنه لم يأت بشيء سوى أنه حرَّف اللفظ عن منهاج الرواية وغيَّر المعنى؛ لأن الاتعاد يستعمل على وجهين، إما بمعنى قبول الوعد، أو بمعنى اتعاد القوم بعضهم بعضًا في الشر، يقال: تواعد القوم، وعد بعضهم بعضًا في الخير، واتعدوا: إذا وعد بعضهم بعضًا في الشر، ولا وجه لإحدى الصورتين في هذا الحديث.
قال سيدي الشيخ عبد الوهاب المتقي قدس اللَّه سره العزيز في رسالته (مفاتيح الغيوب في معرفة خواطر القلوب): مثل القلب كمثل حوض يقع من جوانبه أنهار، فنهر من ماء، ونهر من لبن، ونهر من دم، ونهر من بول، ونهر من صديد، وتجتمع المياه كلها في ذلك الحوض حتى امتلأ، فطريق تطهيره إنما يكون إذا سدّ خوخات الأنهار عن الوقوع في الحوض، ثم يعالج في إخراج ما يجتمع فيه من المياه الطاهرة والنجسة كلها، ثم يفتح خوخات الأنهار التي هي طاهرة ويسدّ ما دونها، فحينئذ يمتلئ الحوض بالمياه الطاهرة، ويتطهر عن المياه النجسة، فمن أراد تطهير ذلك من غير هذا الطريق تعب وضيع عمره، فكذلك القلب حوض، والحواس كلها مثل الأنهار يقع منها