فيه أنواع الخير والشر فامتلأ بذلك، فمن أراد تطهيره فعليه أولًا بسدِّ جميع الحواس، وثانيًا بإخراج ما اجتمع في القلب من الحواس من الخير والشر بمعرفة الذكر، وثالثًا بفتح ما هي طاهرة محمودة، وسدّ ما هي نجسة مذمومة، فإذا أراد تطهيره من غير هذا الطريق تعب وضيع عمره، انتهى كلامه قدس سره.
وقوله:(فليعلم أنه من اللَّه) أي: صادر من جانب لطفه ورحمته، فلمة الشيطان صادرة من قهره وغضبه.
اعلم أن المشايخ الصوفية قسموا الخاطر إلى أربعة: حقاني، ونفساني، وملكي، وشيطاني، ويفهم من هذا الحديث اثنان: الملكي والشيطاني، ولعله باعتبار إرجاع النفساني إلى الشيطان، والحقاني إلى الملكي، ويستأنس له بقراءته -صلى اللَّه عليه وسلم- الآية المذكورة وآخرها {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا}[البقرة: ٢٦٨]، فافهم.
وقد ذكر الشيخ قدس سره في الرسالة المذكورة الخواطر الأربعة الجارية على ألسنة المشايخ وبيّنها وفصّلها بما لا مزيد عليه، ولم نعرف أحدًا ذكره فيما نعلم، قال فيه: وقال بعضهم: الخاطر على سبعة أنواع: ستة من المخلوقات، وسابع من الخالق عز وجل الستة التي هي من المخلوقات، فأولها: الخاطر الدنياوي، وثانيها: الخاطر الأخروي، وثالثها: الشيطاني، ورابعها: الملكي، وخامسها: النفساني، وسادسها: الروحاني، فالدنياوي يقابل الأخروي، والشيطاني يقابل الملكي، والنفساني يقابل الروحاني.