للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ، فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ ذَلِكَ شَيْئًا". . . . .

ــ

وقوله: (أن أنهى عن الغيلة) بالكسر الاسم من الغَيْل بالفتح، وهو أن يجامع زوجته مرضعًا، وكذا إذا حبلت وهي مرضع، في (القاموس) (١): الغيل: اللبن ترضعه المرأة ولدها وهي تؤتى، أو وهي حامل، واسم ذاك اللبن الغيل أيضًا، وأغالت ولدَها وأغيَلَتْه: سقَتْه الغَيلَ، فهي مُغِيل ومُغْيِل، وهو مُغَال ومُغْيل، واستُغِيلَت هي، والاسم: الغيلة بالكسر.

قال القاضي عياض في (المشارق) (٢): ضبطناه بكسر الغين وفتحها، وقال بعضهم: لا يصح فتح الغين إلا مع حذف الهاء، فيقال: الغيل، وحكى أبو مروان بن سراج وغيره من أهل اللغة: الغيلة والغيلة معًا في الرضاع، وفي القتل بالكسر لا غير، وقال بعضهم: هو بالفتح من الرضاع المرة الواحدة، وفي بعض روايات مسلم: عن الغيال بالكسر، جاء تفسيره في الحديث عن مالك وغيره: أن يطأ الرجل امرأته وهي ترضع، يقال من ذلك: أغال فلان ولده، والاسم الغيل والاغتيال، وعلة ذلك لما يخشى من حملها فترضعه كذلك فهو الذي يضر به في لحمه وقوته، انتهى.

والظاهر أن الجماع في حال الرضاع غير مضر لأنه يقوي المرأة فيزيد في لبنها، وأما الحمل فمضرٌّ لأنه ينقص اللبن ويجففه، ولو نهى عن الجماع لكان لخوف الحبل كما ذكرنا في شرح قوله: (أُشفِقَ على ولدِها)، وكان نهيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالاجتهاد، وترك النهي أيضًا به قياسًا على حال فارس والروم، فلا ينافي ما وقع في حديث آخر في آخر الباب


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٩٥٨).
(٢) "مشارق الأنوار" (٢/ ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>