للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَهْرًا وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! آلَيْتَ شَهْرًا فَقَالَ: "إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. [خ: ٥٢٠١].

ــ

والإيلاء باب معروف في الفقه من كتاب الطلاق.

وقوله: (وكانت انفكت رجله) الضمير في كانت للقصة، ويجوز أن يكون (رجله) اسم كانت، و (انفكت) خبره، ومعنى انفكت: زالت، يقال: انفكت قدمه: زالت، وأصبعه: انفرجت، والفكُّ دون الكسر، وقيل: معناه تألمت مفصل قدمه، وسبب انفكاكها أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سقط عن فرسه، فخرج عظم رجله من موضعه، والانفكاك ضرب من الوهن والخلع، وهو أن ينفك بعض أجزائها عن بعض، كذا في (النهاية) (١). و (المشربة) بفتح الميم وضم الراء وفتحها: الغرفة.

وقوله: (فقال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين) قد سبق إلى الفهم من اللفظ أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- آلى شهرًا من غير تعيين، فقعد تسعًا وعشرين ليلة من غير أن جاء ذلك الشهر هكذا، ثم نزل فسألوا: آليت شهرًا والشهر يكون ثلاثين؟ فأجاب بأنه يكون تسعًا وعشرين أيضًا، فينطلق عليه، لكنه يفهم من الأحاديث الأخرى من (صحيح البخاري) أن ذلك الشهر الذي آلى فيه وقعد جاء تسعًا وعشرين، ولذلك قال الفقهاء: إذا عين شهرًا فقال: للَّه علي أن أصوم شهر كذا، فخرج ناقصًا لا يلزمه سوى ذلك، وإن لم يعين فقال: للَّه عليّ صوم شهر، يلزمه صوم ثلاثين يومًا، ولا يخفى إنه على هذا التقدير لا يكون لسؤالهم بقولهم: (آليت شهرًا)، وجه ظاهر؛ لأنه إذا عين الشهر، وجاء الشهر ناقصًا، لا يظهر وجه سؤالهم: كيف نزلت على تسع وعشرين، وقد آليت الشهر؟ هذا


(١) "النهاية في غريب الحديث والأثر" (٣/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>