بأن الجاهل ليس ضد للعاقل، وإنما ضده الأحمق، فكأنه قال: كم عاقل وكم عالم وكم أحمق وكم جاهل، واكثر ما يوجد من هذا التركيب فيما يقرب من الضد؛ لأنه لو لم يكن في معنى الضد أصلًا لا يحسن أو لا يجوز ذكره معه، فتدبر.
وقال التُّورِبِشْتِي (١): الكيس: جودة القريحة، وإنما أتى به في مقابلة العجز؛ لأنه هو الخصلة التي تفضي لصاحبها إلى الجلادة وإتيان الأمور من أبوابها، وذلك نقيض العجز، ولهذا المعنى كنوا به عن الغلبة، فقالوا: كايسته فكيسته، أي: غلبته، والعجز ههنا عدم القدرة، وقيل: ترك ما يجب فعله بالتسويف فيه والتأخير، يريد أن الكيس يتضمن معنى القدرة لأنه القدرة والجلادة على إمضاء الأمور وإنفاذ العزمة، والمراد بالعجز ههنا عدم القدرة على ذلك بالتسويف والتأخير، فيصح ذكر أحدهما في مقابلة الآخر، وهذا الوجه أولى وأظهر كما لا يخفى، والمعنى: أن الكل بتقدير اللَّه ومشيئته سواء كان من صفاتنا وأفعالنا أو غيرها، ففيه رد على القدرية القائلين بأن أفعال العباد مخلوقة لهم وواقعة بمشيئتهم وإرادتهم، فـ (حتى) للعطف يفيد التراخي والترتيب في الذهن، كما في قولهم: قدم الحاج حتى المشاة، أي: حتى ما يقع منكم بمشيتكم.