للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٥٧ - [١٢] وَعَنْ أَبِي شُرَيحٍ الْكَعْبِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "ثُمَّ أَنْتُمْ يَا خُزَاعَةُ قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ، وَأَنَا وَاللَّهِ عَاقِلُهُ، مَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ قَتِيلًا فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ: إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالشَّافِعِيُّ. [ت: ١٤٠٦، "مسند الشافعي" ١/ ٢٩٥].

ــ

٣٤٥٧، ٣٤٥٨ - [١٢، ١٣] (أبو شريح الكعبي، وأبو هريرة) قوله: (ثم أنتم يا خزاعة) هذا من تتمة الخطبة التي خطبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الفتح، ومقدمته مذكورة في (باب حرم مكة) من (كتاب الحج)، وكانت خُزاعةُ قد قتلوا في تلك الأيام رجلًا بمكة بقتيل لهم في الجاهلية، فأدَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دِيتَه لإطفاء نار الفتنة بين القبيلتين.

وقوله: (أنا واللَّه عاقله) أي: مُعطِي دِيَتهِ، والعَقْلُ: عطاءُ الدِّيَةِ، يقال: عقَلَ القتيلَ: وَدَاه، وإنما سمي عقلًا لأن الإبل التي يعطى فيها تُعقَلُ فِي فِناء وليِّ الدم، أو لأن الدية تعقل، أي: تمنع عن السفك.

وقوله: (بين خيرتين) تثنية خِيَرَة، بكسر الخاء وفتح الياء، بمعنى الاختيار، قوله تعالى: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: ٦٨]، وفي (الصراح) (١): الخيرة: المصطفى، يقال: محمد خيرة اللَّه بسكون الياء وتحريكها: اختيار بركَزيدن.

والحديث ظاهر في أن الاختيار لأولياء المقتول إن شاؤوا اقتصُّوا وإن شاؤوا أخذوا الدية، وهو مذهب الشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة ومالك: لا تثبت الدية إلا برضى القاتل، وهو أحد قولي الشافعي؛ لأن موجَبَ القتلِ عمدًا هو القصاصُ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] إلا أنه يقيد بوصف العمد


(١) "الصراح" (ص: ١٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>