٣٤٥٧، ٣٤٥٨ - [١٢، ١٣](أبو شريح الكعبي، وأبو هريرة) قوله: (ثم أنتم يا خزاعة) هذا من تتمة الخطبة التي خطبها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الفتح، ومقدمته مذكورة في (باب حرم مكة) من (كتاب الحج)، وكانت خُزاعةُ قد قتلوا في تلك الأيام رجلًا بمكة بقتيل لهم في الجاهلية، فأدَّى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دِيتَه لإطفاء نار الفتنة بين القبيلتين.
وقوله:(أنا واللَّه عاقله) أي: مُعطِي دِيَتهِ، والعَقْلُ: عطاءُ الدِّيَةِ، يقال: عقَلَ القتيلَ: وَدَاه، وإنما سمي عقلًا لأن الإبل التي يعطى فيها تُعقَلُ فِي فِناء وليِّ الدم، أو لأن الدية تعقل، أي: تمنع عن السفك.
وقوله:(بين خيرتين) تثنية خِيَرَة، بكسر الخاء وفتح الياء، بمعنى الاختيار، قوله تعالى:{مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}[القصص: ٦٨]، وفي (الصراح)(١): الخيرة: المصطفى، يقال: محمد خيرة اللَّه بسكون الياء وتحريكها: اختيار بركَزيدن.
والحديث ظاهر في أن الاختيار لأولياء المقتول إن شاؤوا اقتصُّوا وإن شاؤوا أخذوا الدية، وهو مذهب الشافعي وأحمد، وعند أبي حنيفة ومالك: لا تثبت الدية إلا برضى القاتل، وهو أحد قولي الشافعي؛ لأن موجَبَ القتلِ عمدًا هو القصاصُ لقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨] إلا أنه يقيد بوصف العمد