للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الباب، و (من) ابتدائية متعلقة بـ (قضي) أي: أقضي عليهم لأجل قدر سبق؟ فيكون القضاء ناشئًا، ومبتدئًا من قدر، والقدر سابقًا عليه، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الخلق، كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت: ١٢]، أي: خلقهن، فقوله: (جف القلم بما هو كائن) قدرٌ، و {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩] قضاءٌ، ولهذا قال بعضهم: إنها شؤون يُبديها لا شؤون يَبْتَدِيهَا، فالقدر كالأساس، والقضاء كالبناء، هكذا قال بعضهم في (النهاية) (١).

وفي (مجمع البحار) (٢)، عن الكرماني: وقال بعضهم: القضاء الأمر الكلي الإجمالي، وهو حكم اللَّه تعالى في الأزل، والقدر جزئيات ذلك الكلي مفصلات، وهذا عكس ما في (النهاية)، ويوافق ما قال القاضي: القضاء هو الإرادة الأزلية والعناية الإلهية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب خاص، والقدر تعلق تلك الإرادة بالأشياء في أوقاتها.

وقال الإمام الغزالي: إذا كان معنى الحكمة ترتيب الأسباب فتوجهها إلى المسببات كان حكمًا مطلقًا؛ لأنه مسبب كل الأسباب جملتها وتفصيلها، ومن الحكم ينشعب القضاء والقدر، فتدبيره أصل وضع الباب ليتوجه إلى المسببات حكمُه، ونصبه الأسباب الكلية الأصلية الثابتة المستقرة التي لا تزول ولا تحول كالأرض والسماوات السبع والكواكب وحركاتها المتناسبة الدائمة التي لا تتغير ولا تنعدم إلى أن يبلغ الكتاب أجله قضاؤه، كما قال: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا} [فصلت: ١٢]،


(١) انظر: "النهاية" (٤/ ٧٨).
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>