إلى أن اللَّه كل يوم هو في شأن وأنه يحكم في خلقه بميزان العدل، ويقع هذا المعنى كالتقرير لقوله:(ولا ينبغي أن ينام)، لأن النوم ينافي دوام التصرف في الملك في كل آن وفي كل حين.
والمقصود من رفع عمل الليل قبل عمل النهار مسارعة الملائكة الموكلين بأعمال العباد فيما أمروا به، وسرعة عروجهم إلى محال العرض في مصاعد السماوات، وقدرتهم على رفع الأعمال في أدنى ساعة بل في لمحة لأنه لا فاصلة بين اليل والنهار إلا آن وجزء لا يتجزئ هو حد مشترك بينهما، وهذا إذا كان المراد بقوله قبل عمل النهار قبل شروع العبد في عمله، وإن كان المراد قبل رفع النهار فالمعنى لا يؤخر في رفع عمل الليل، ولا يتوقف على انضمام عمل النهار إليه، بل يعرض كل منهما على حدة، إذ قد وكل لكل منهما ملائكة معقبات، وكلا المعنيين صحيح، والثاني هو المتبادر من العبارة وإن كان الأول أبلغ في المعنى، فافهم.
وقوله:(حجابه النور) أي: أنوار جلاله وأشعة عظمته وكبريائه التي تدهش دونها العقول، وتكل الأبصار، وتحير البصائر، والحجاب ههنا يرجع إلى الخلق؛ لأنهم هم المحجوبون لا هو سبحانه وتعالى على مثال العُميان بالنسبة إلى الشمس، ولا يقال: محجوب بل المحتجب؛ لأن المحجوب مغلوب ومقهور للحاجب الذي يستره، والمحتجب من احتجب بذاته واستتر لمنعه الغير عن إدراكه، ويحتمل أن يكون معناه أنه محتجب لشدة ظهوره كجرم الشمس تكل به العين.
والتحقيق أن صفاته التي هي أنوار ذاته هي الحجاب له؛ إذ الصفات هي حجب الذات ولا تدرك الذات من حيث هي هي، وإنما تدرك بصفة من الصفات، وكل