للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُذْ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ،

ــ

إجمالًا، ولا ينظر إلى تفاصيل مفرداتها، كالاستواء على العرش كناية عن الملك ونفوذ الأمر، وبسط اليد كناية عن الجود، والطي باليمين كناية عن التصرف من غير أن يكون هنا استواء عرش ويد وبسط ويمين وطي على ما بيّن في موضعه، فالألفاظ المذكورة في الحديث كناية عن فضل الغنى وكمال السعة ونهاية الجود وغاية العطايا، فـ (ملآى) مؤنث ملآن خبر (يد اللَّه)، في (القاموس) (١): ملأه كمنعه يملأه بالفتح والكسر وهو ملَان وهي ملآى وملآنة، انتهى.

وقوله: (لا تغيضها) خبر ثان أي: لا تنقصها، من غاض الماء غيضًا: قلَّ وانتقص، كانغاض، وغاض الماء وثمن السلعة: نقصهما كأغاض، لازم ومتعد، واستعمل في الحديث متعديًا، (سحاء) خبر ثالث من السح، وهو الصب والسيلان من فوق، يقال: سحّ الماء يسحّ سحًا أي: سال من فوق، وكذلك المطر والدمع، ففيه وصف يد اللَّه في الإعطاء بالتفوق والاستعلاء، ووصف عطائه بالجزالة والغزارة باعتبار معنى السيلان، يقال: مطر سحّاح أي: شديد السحّ، وليس للفظ سحاء ذكر على أفعل، ومثله ديمة هطلاء، ولم يرد أهطل، والليل والنهار منصوبان على الظرفية لسحاء، أي: دائم عطائه غير منقطع، و (أرأيتم) خطاب عام، ويجيء في الجمع كما يجيء في الواحد، وفي الواحد أكثر، والهمزة للتقرير، و (ما) في (ما أنفق) موصولة أو موصوفة أو استفهامية، وهو أنسب بقوله: (أرأيتم).

وفي قوله: (فإنه لم يغض) استعمل الغيض لازمًا و (ما في يده) فاعله أو فيه


(١) "القاموس المحيط" (ص: ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>