للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ"، فقَالَ رَجُلٌ: . . . .

ــ

وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى، فكأنه أشهدهم على أنفسهم وقررهم، وقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} وكأنهم قالوا: {بَلَى} أنت ربنا شهدنا على أنفسنا وأقررنا بربوبيتك ووحدانيتك.

قال صاحب (الكشاف) (١): وباب التمثيل واسع في كلام اللَّه ورسوله وفي كلام العرب، ولم يفسروا الآية بقصة إخراج الذرية من ظهر آدم كالذر، وإحيائهم وإعطائهم العقل والنطق، وإقرارهم بذلك قولًا في يوم الميثاق كما جاء في الأخبار، والباعث لهم على هذه القصة ظاهر لفظ الآية؛ لأنه لو كان المراد ذلك لقيل: وإذ أخذنا من آدم من ظهره ذريته، وكما أن ظاهر لفظ الآية كان فيما فسروها به كذلك لا شك أن ظاهر لفظ الحديث في الذرية من ظهر آدم كما هو القصة المشهورة في يوم الميثاق، فيكون بينه وبين الآية منافاة، فأجاب الإمام الرازي (٢) بأنه لا منافاة؛ لأن الآية ساكتة عن إخراج الذرية من صلب آدم لا تدل على ثبوته ولا على نفيه، بل إنما تدل على إخراج الذرية من ظهور بني آدم بالتناسل، وإثبات الحجة عليهم، ولكن قصة إخراج الذرية من ظهر آدم وأخذ الميثاق منهم أيضًا ثابتة بدلالة الأخبار والأحاديث فلا منافاة.

بقي الكلام في توجيه كون الحديث جوابًا عن سؤال السائل عن الآية، والظاهر منه أن يكون الحديث تفسيرًا للآية، وبيانًا للمراد منها، فقيل في ذلك: إن المراد من {بَنِي آدَمَ} في الآية آدم وأولاده، كأنه صار اسمًا للنوع كما قيل في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أنا سيد


(١) "الكشاف" (٢/ ٣١٠).
(٢) انظر: "تفسير الرازي" (١٥/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>