لا يحملك على أن تأخذ ما ليس لك فليس بشحك بأس، وقال ابن مسعود لمن قال: لا أعطي ما أقدر على منعه، قال: ذلك البخل، والشح أن تأخذ مال الغير بغير حق.
وقال التُّورِبِشْتِي (١): الشح بخل مع حرص، والإنسان مجبول عليه، قال اللَّه تعالى:{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ}[النساء: ١٢٨]، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- استعاذ من الشح المطاع، ولم يستعذ من الشح لعلمه أنه أمر جِبِلِّيٌّ فُطِرَ عليه الإنسانُ، فكل ما كان من هذا القبيل لم يخل من المصلحة، والإنسان إنما جبل عليه ليكون شحيحًا بدينه، وليتمكن من الإمساك حيث أمر بالإمساك، والمحمود منه ما كان في سلطان القلب، والمذموم منه المطاع، وذلك إذا غلب سلطانه على القلب، ومركز الشح النفس، فلا يتمكن من القلب إلا بعد خلوِّه من الإيمان باستيلاء سلطان النفس على القلب، فإن النفس ظلمانية والقلب نوراني، واستيلاء كل واحد منهما على الآخر يدل على زوال الصفة المضادة، والضدان لا يجتمعان، انتهى.
هذا ومع ما ذكر كله يكون المراد بالإيمان كماله، فإن الشح ليس كفرًا بدليل إثباته للمؤمن كما في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (خير الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح شحيح) كما قالوا في أمثال ذلك.
٣٨٢٩ - [٤٣](ابن عباس) قوله: (تحرس) بضم الراء أي: تكون حارسًا للمجاهدين تحفظُهم وأموالَهم عن الأعداء، ونسبة الحراسة إلى العين مجازية، فالعين الباكية من خشية اللَّه مجاهدةٌ مع النفس، والحارسةُ مع الكفار، فاشتركا في عدم مِسَاس