للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لقدرة اللَّه سبحانه واستعداد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لذلك: قد سمعت من اشتهر -أظن أن المراد به الإمام الغزالي واللَّه أعلم- في زماننا بالرسوخ في علم النظر، ثم أيد من مكاشفات الصوفية بما يعز مثله في الشاهد يقول: من لم يعتقد أن للَّه عبادًا يشاهدون في حال اليقظة ما لا يمكن لغيرهم أن يراه إلا في حالة النوم لم يهتد إلى حقيقة الإيمان بالنبوة، وإذا كان من حق الإيمان أن لا يقابل أمثال ذلك في أتباع الأنبياء بالنكير، ولا يستبدع الاطلاع على مثل هذه الأحوال والمكاشفة بنظائر هذه الآية في حق خواص الأمة، فكيف بمن هو سيد المرسلين وأعلاهم رتبة وأغزرهم علمًا وأوفرهم حظًا؟ صلى اللَّه عليه وسلم أفضل صلاة صلاها على نبي من أنبيائه.

وأما قول الراوي: (خرج إلينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي يديه كتابان) فإنه أخبر بما يقتضيه ظاهر قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مبالغةً في التصديق بما يقول، واستقصاءً في تحقيق ما يخبر عنه، وهذا هو حق اليقين في أمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وواجب الأدب على السامع في استماع ما ينتهى منه إليه، ومن أوتي بصيرة في أمر الدين، فليكن وثوقه بما يخبر عنه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أعرق من وثوقه بما يراه ويشاهده، انتهى.

وهذا الكلام حق صادر من عين اليقين وحقيقة الإيمان رحم اللَّه قائله، وأما قوله في الراوي: إنه أخبر بما يقتضيه ظاهر قول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مبالغة في التصديق بما يقول، فظاهر الأمر كما قال، ولكن يمكن أن رآه الراوي أيضًا بإراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وإطلاعه إياه على ذلك، كيف وأصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من خواص الأمة، وقدوة العارفين، وقد ينقل أن بعضهم كانوا يرون بعض المغيبات في المشهود في مجلسه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بعض الأحيان، وبعضهم رأى جبرئيل في غير صورة دحية كعائشة وابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>