للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَفِيمَ الْعَمَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ، اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُدْخِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ، وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ، اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ النَّارَ". رَوَاهُ مَالِكٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [ط: ٣٣٣٧، ت: ٣٠٧٥، د: ٤٧٠٥].

٩٦ - [١٨] وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَفِي يَدَيْهِ كِتَابَانِ،

ــ

وقوله: (ففيم العمل؟ ) في بمعنى اللام، أو المراد في أي شيء يفيد العمل؟ ولا يخفى أنه لا يتجه هذا السؤال بعد قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (وبعمل أهل الجنة يعملون) إلا أن يراد ففيم العمل بالتكليف، وهو أيضًا ليس بشيء فإن اللَّه قد كلف وأمر ونهى، فما السؤال بعد ذلك إلا على اللَّه سبحانه، ولا يسأل عما يفعل، وله حكم ومصالح وأسرار لا يعلمها إلا هو، وقد مر بيانه مرارًا.

٩٦ - [١٨] (عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (وفي يديه كتابان) قال أهل الظاهر من العلم: إنه مجاز وتمثيل وتعبير عن المعنى بالصورة مبالغةً في تحققه وتيقنه، وقال أهل الباطن منه وأرباب المكاشفة: إنه حق ومحمول على الحقيقة لا مجاز فيه أصلًا. قال الإمام الغزالي: امتياز الخواص من العوام بأن ما يحصل للعامة من العلوم بالكسب والتعلم يحصل للخواص من غير تعلم وكسب بل من عند اللَّه العليم الحكيم، وذلك هو العلم اللدني، وبأن ما يراه العامة في المنام يراه الخواص في اليقظة.

وقال الشيخ التُّورِبِشْتِي (١) في شرح الحديث بعد ما نفى استبعاد حمله على الحقيقة


(١) "كتاب الميسر" (١/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>