للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٢ - [٢٤] وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: "يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينكَ" فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. [ت: ٢١٤٠، جه: ٣٨٣٤].

ــ

وبالجملة: في الحديث دلالة على أن الإنسان خلق على حالة لا ينفك عن الظلمة إلا من أصابه النور الملقى عليه، لكن يتوهم الإشكال في تطبيقه بحديث الفطرة، ولا إشكال لأن حديث الفطرة كما حقق إنما يدل على كون الإنسان متهيأ متمكنًا من إصابة الهدى إن تفكر بالنظر الصحيح وتأمل في الآيات والشواهد، ومع ذلك خلق في ظلمات النفس والطبيعة، وهذا الحديث إنما يدل على أن إصابة الهدى بالنظر إنما هو بمشيئة اللَّه وتوفيقه تعالى وإلقاء نور الهداية في قلبه، وليس مستقلًا مستبدًا بإصابة الهدى، فمن شاء وَفَّقَه للنظر الصحيح وألقى نور الهداية كما هو مقتضى الفطرة الروحانية، ومن لم يشأ لم يوفقه وأوقعه في ظلمة الضلال والغواية كما هو مقتضى النفس والطبيعة الجسمانية.

وبالجملة هذا الحديث تنبيه على سابقة التقدير، وعلم اللَّه ومشيئته تعالى، والفطرة -كما نبهنا- هنالك غير السابقة، فلا تنافي بين الحديثين، فتأمل.

١٠٢ - [٢٤] (أنس) قوله: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي) أضاف القلب إلى ذاته الكريمة تعريضًا لأصحابه، والمقصود الأصلي الدعاء لهم، لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مأمون العاقبة بلا شبهة، وكذا الحال في جميع ما وقع مثله في الأدعية المأثورة، ولهذا قال أنس -رضي اللَّه عنه-: (فهل تخاف علينا)، إلا أنه لما أضافه ظاهرًا إليه قال: ثبت، وأضاف في حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>