للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٦ - [٢٨] وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "يَكُونُ فِي أُمَّتِي خَسْفٌ وَمَسْخٌ،

ــ

فهذان الحديثان وأمثالهما صريحة في تكفيرهم، لكن الصواب أن لا نتسارع إلى تكفير أهل الأهواء المتأولين؛ لأنهم لا يقصدون بذلك اختيار الكفر ولا يرضون به، وقد تمسكوا بالكتاب والسنة ويذلوا جهدهم في إصابة الحق فأخطؤوا، والتكفير لا يطلق إلا بعد البيان الجلي، والفرق ما بين لزوم الكفر والتزامه، وهذا القول هو مذهب المحققين من علماء الأمة نظرًا واحيتاطًا، وقد نهينا عن تكفير أهل القبلة (١)، وكل ما وقع في شأنهم مما يدل على التكفير، فهو من باب الزجر والتشديد والمبالغة في التضليل والمجاز والتمثيل، كيف! وقد تكلّم بعضُ النقاد في أحاديث وردت في شأن هذه الفِرَق، وقالوا: لم تصح وكلّها ضعيفة، نعم لها طرق متعددة متعاضدة، واللَّه أعلم.

١٠٦ - [٢٨] (ابن عمر) قوله: (يكون في أمتي خسف ومسخ) في (القاموس) (٢): خسف المكان يخسف خسوفًا: ذهب في الأرض، وخسف اللَّه بفلان الأرض: غَيَّبه فيها، ومسخه كمنعه: حَوّل صورته إلى أخرى أقبح منها، فهو مسخ ومسيخ، والحديث دل على وقوع المسخ والخسف في هذه الأمة، وقد ورد الحديث بوقوعه في آخر الزمان كما سيجيء في (باب الملاحم) من (كتاب الفتن)، والظاهر أن المراد أمة الدعوة، وقيل: الكلام خرج مخرج الشرطية، أي: إن كان يكون فيهم (٣)،


(١) قال التفتازاني في "المقاصد": مخالف الحق من أهل القبلة ليس بكافر ما لم يخالف ما هو ضروريات الدين كحدوث العالم وحشر الأجساد. انظر: "إكفار الملحدين" (ص: ١٥) ففيه بحث نفيس.
(٢) "القاموس المحيط" (ص: ٢٥١، ٧٤٢).
(٣) وفي "التقرير": جاء في الرواية أن الخسف لا يكون في هذه الأمة، فجمع بأن المراد بعدم =

<<  <  ج: ص:  >  >>