للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٠٣٧ - [٣] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِم جِزْيَةٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: ١/ ٢٢٣، ٢٨٥، ت: ٦٣٣، د: ٣٠٥٣].

ــ

٤٠٣٧ - [٣] (ابن عباس) قوله: (لا تصلح قبلتان في أرض واحدة) الظاهر المتبادر من هذه العبارة أن يحمل هذا كما ذهب بعض أهل العلم على إجلاء اليهود والنصارى من جزيرة العرب؛ لأنهم هم الذين كانوا أهل القبلة ذهابًا إلى قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) (١) كذا قيل، قال التُّورِبِشْتِي (٢): ليس لفظ الحديث بمنبئ عما ادعاه؛ لأن قوله: (بأرض واحدة) يقتضي معنى العموم، ثم قال: وأرى الوجه فيه -واللَّه أعلم- أن يقال: معنى قوله: (لا تصلح قبلتان) أي: لا يستقيم دينان بأرض على سبيل المظاهرة والمعادلة، أما المسلم فليس له أن يختار المقام بين ظهراني قوم كفار، وأما الذي يخالف دينه دين الإسلام، فلا يُمكَّن عن الإقامة في دار الإسلام إلا ببدل الجزية، ثم لا يؤذن له في الإشادة بدينه ولا إشاعة شعائره، انتهى.

وحاصله أنه نهى عن إقامة المسلم في دار الحرب، وحلوله فيهم محل الذي فينا واختيار الذلة والصغار فيهم، ومن ترك الكفار في دار الإسلام من غير جزية مع جريانه على إشادة أحكام الكفر وشعائره، ففي الصورتين يكون دين الإسلام والكفر متعادلين متظاهرين متساويين في القوة، بل ينبغي أن يكون المسلمون على قوتهم وعزتهم، والكافرون على الذلة والهوان، فافهم.

وقوله: (وليس على المسلم جزية) اختلفوا في معنى هذه العبارة أيضًا، فقيل:


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٠٥٣)، ومسلم في صحيحه (١٦٣٧).
(٢) "كتاب الميسر" (٣/ ٩٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>