وقوله:(فسألته) لما رأى أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأكله على خلاف عادته في تأليف قلوب أصحابه ظن أنه حرام عليه -صلى اللَّه عليه وسلم- فسأله عن ذلك.
وقوله:(فإني كره ما كرهت) وإن لم يكن عندي وجه الكراهة ما عندك، بل علة الكراهة عندي نفس كراهتك، وهكذا الحال في اتباع أفعاله -صلى اللَّه عليه وسلم- من غير نظر إلى سبب فعله، هذا ما يفهم من العبارة وهو حق، ويمكن أنه جعل سبب الكراهة حضور مجلسه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه والتناجي معهم، ولكنه قصد إثبات حقيقة الاتباع الذي يكون الباعث عليه صرف المحبة.
٤١٩٧ - [٣٩](جابر) قوله: (أو قال: فليعتزل مسجدنا) قيل: المراد مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقيل: المراد جنس المسجد، والمراد مساجد المؤمنين، وكذا الحكم في الجامع، وإليه الإشارة بقوله:(فليعتزلنا)، وقد مرّ في (باب المساجد ومواضع الصلاة) من (كتاب الصلاة).
وقوله:(أو ليقعد في بيته) إما أن يكون هذا أيضًا من شك الراوي، وكان المراد أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- إما أن قال: من أكل ثوما أو بصلًا فليعتزلنا، أو قال: فليعتزل مسجدنا، أو قال: من أكل ثومًا أو بصلًا فليقعد في بيته، ولم يجالس أحدًا لا في المسجد ولا في غيره، وأن لا يكون من شك الراوي، ويكون متعلقًا بالثاني، أعني: فليعتزل مسجدنا بطريق التخيير، ويكون المعنى يحرم عليه دخول المسجد الذي هو منزل الملائكة