وقيل: لا تبعت ما تدري، قاله ابن القزاز، وقيل: هو على عادة العرب في أدعيتها التي تدغم بها كلامها، قالوا: والواو هنا الأصل فحولت ياء لاتِّباع دريت، وقال ابن الأنباري:(تليت) غلط والصواب أتليت، يدعو عليه بأن لا تتلى إبله أي: لا تكون لها أولاد تتلوها أي: تتبعها، هذا مذهب يونس بن حبيب، قال ابن السراج: وهذا بعيد في دعاء الملكين [للميت]، ولعل ابن الأنباري أراد أن هذا أصل هذا الدعاء، ثم استعمل كما استعمل غيره من أدعية العرب، قال أبو بكر: والوجه الثاني: [أن يكون] ايتليت على أنه افتعلت من قولك: ما آلوت هذا أي: لا دريت ولا استعطت أن تدري، يقال: ما آلوه أي: ما أستطيعه، وهذا مذهب الأصمعي، وقال الفراء مثله إلا أنه فسره: ولا قصرت في طلب الدراية، فيكون أشقى لك من قولهم: ما آلوت أي: ما قصرت، وذكر أبو عبيد فيه أيضًا: ولا آليت كأنه من آلوت أي استعطت، وقد بينا من صحة المعاني التي توافق الرواية ما لا يحتاج معه إلى ما يقوله أبو بكر، والموفق اللَّه، انتهى كلام القاضي.
(تنبيه) ذكر في (شرح قصيدة الأمالي) لبعض فقهاء المحدثين من أهل المدينة ما نصه: فإن قيل: ليس في الحديث الصحيح إلا ذكر عذاب المنافق والكافر، ونجاة المؤمن في القبر، ولم يذكر المذنب من المؤمنين هل يعذب أم لا؟ فالجواب أن الحديث خرج مخرج الترغيب في الإيمان في أوائل الأمر، فلم يذكر إلا حال المنافق والكافر تحذيرًا من مثل حاله، وحال المؤمن الطائع ترغيبًا في مثل حاله، ولم يذكر قيد الطاعة إلا تشويقًا إلى الإيمان، وأخر ذكر حال المؤمن العاصي إلى وقت الاحتياج بحديث صاحب القبرين، أو أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن أعلم إذ ذاك أن أحدًا يعذب في القبر كما يشير إليه قصة اليهودية أخبرت بعذاب القبر، أو الحديث الذي اقتصر فيه على