ذكر المنافق إنما هو في حق أهل عصره -صلى اللَّه عليه وسلم- فقط، وقد كان مؤمنهم مطيعًا مغفور الزلات، وأما غيرهم فتثبت حالهم الأحاديث التي فيها العذاب لبعض العصاة، كذا ذكره بعضهم.
وقد تكلم على المسألة السيد الأجل السمهودي، فقال: أما سؤال الملكين فقضيتهما أن المؤمن وإن كان فاسقًا فإنه يجيب الملكين بما اشتملت عليه تلك الأحاديث، وإجابته بذلك صحيحة من حيث المعنى، وأما ما يقال له من البشارة فيحتمل الأمرين؛ أحدهما: عدم مساواة المؤمن الفاسق لغيره في ذلك، فأكمل البشارة للمؤمن الكامل ولغيره ما يصلح به على حسب حاله، وثانيهما: المساواة لكن في أصل ما وقع التبشير به ويكون مقولًا بالتشكيك، إلا أن يكون الفاسق ممن شاء اللَّه مغفرة ذنوبه، أو حصل التكفير لها بالمصائب المؤلمة ونحوها من المكفرات، واللَّه أعلم.
وقوله:(ويضرب بمطارق من حديد ضربة) أي: يضرب بكل مطرق ضربة. وقوله:(يسمعها من يليه من غير الثقلين) اقتصر -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا المقام على سماع من يليه اكتفاءً بأصل المقصود قصدًا إلى إنذارهم، ويمكن أنه يوحى إليه في هذا الوقت هكذا، وفي وقت آخر فإنه يسمعها من في المشرق والمغرب، ولا منافاة بينهما لعدم اعتبار مفهوم المخالف في مثل هذا المقام لظهور المقصود، فافهم، و (من) لذوي العقول يشمل الملائكة والثقلين وغيرهم تغليبًا، وغلب العقلاء على غيرهم لشرفهم، ولأن السماع من خواصهم فجعل غيرهم في حكمهم فعبر بـ (من) ثم استثنى الثقلين، وذلك لئلا يرفع الابتلاء ولا ينقطع المعاش.