للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الحق على أن الإصابة بالعين وتأثيرها أمر ثابت محقق في النفوس والأموال، بل في سائر الأشياء المستحسنة، وإن أنكرها بعض المبتدعة من أهل الاعتزال ومن يحذو حذوهم، بمعنى أن اللَّه تعالى أودع فيها هذه الخاصية وجعلها سببًا لها بطريق جري العادة على ما هو شأن الأسباب العادية، لا أن لها تأثيرًا ذاتيًا باللزوم العقلي كما في العلل العقلية التي تقول بها الفلاسفة، وحديث: (العين حق) حجة لهم، ثم تكلموا في كيفية تأثيرها وإضرارها بالمعين، وقد نقل عن بعض من كان فيه هذه الصفة أنه كان يقول: إذا نظرت إلى شيء على وجه الاستحسان أحسست حرارة تخرج من العين.

وقال بعضهم: إنه ينبعث من عين العائن قوة سمة تتصل بالمعين تصير سببًا للهلاك والفساد كالسم الواصل من الأفاعي والعقارب إلى اللديغ، وقد يؤثر السم من بعض الأفاعي بمجرد النظر ويهلك، وبالجملة يتوجه من جانب العائن إلى المعين مثل سهم يخرج من القوس إلى الهدف، فإن لم يكن في البين مانع يصير حفظًا ووقايةً هو الترس يصل وينفذ ويؤثر، وإن كان في البين ما يقيه ويحفظه وهو الحرز والعوذة والدعاء لم يصل، وإن وصل لم ينفذ، وإن كان الترس محكمًا شديدًا ربما يعود إلى الرامي على مثال السهم المحسوس، وكما أن اللَّه تعالى أودع في نفوس بعض الآدميين قوة وخاصية العين جعل للنفوس الكاملة قوة وتصرفًا يدفعها بها، ثم قالوا: يجب التحرز والتجنب ممن فيه هذه الصفة، وللإمام منع من عرف به عن مداخلة الناس فإن كان فقيرًا رزقه ما يكفيه، فضرره أشد من ضرر الشؤم والجذام، وقد منع أهلها عن المداخلة، فصاحب العين أولى به، وسيجيء هذا المبحث في (كتاب الطب والرقى).

<<  <  ج: ص:  >  >>