للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ يُعَادُ فِيهِ الرُّوحُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: ٤/ ٢٨٧ - ٢٨٨، ٢٩٥، ٢٩٦، د: ٤٧٥٣].

ــ

وقوله: (فيصير ترابًا ثم يعاد فيه الروح) كرر الإعادة كقوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: ٥٦]، ولعله خص هذا بالكافر تشديدًا ومبالغة في تعذيبه وجزاءً لإنكاره بالبعث، ثم الذي يقطع بوجوده في القبر إيجاد شيء من الحياة في جزء من أجزاء الميت يدرك به الألم، وإن لم يكن إحياءً حقيقة كما في الدنيا، فإن كان المراد بالإعادة هذا المعنى فذاك، وإن كان الإحياء الحقيقي فهذا أيضًا يكون مخصوصًا بالكافر تشديدًا في العذاب، وعلى هذا يكون في القبر إحياءان وإماتتان.

قال الطيبي (١): ولا يبعد أن يتسمك به من يقول: إن في القبر إماتتين وإحيائين في تفسير قوله تعالى: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: ١١]، انتهى.

وشرح هذا الكلام أنه قد قيل: إن المراد بالإماتة الأولى خلقهم أمواتًا، فإن الإماتة جعل الشيء عادمًا للحياة ابتداءً أو بتصيير كالتصغير والتكبير في قولهم: سبحان من صغّر البعوض وكبّر الفيل، والإماتة الثانية تصييرهم أمواتًا عند انقضاء الآجال، والإحياء الأول إيجادهم، والثاني إحياؤهم بالبعث، وقيل: الإماتة الأولى عند انخرام الأجل، والثانية في القبر بعد الإحياء للسؤال، والإحياءان ما في القبر والبعث، كذا قال البيضاوي (٢)، ويظهر من هذا الحديث أنه يحيى الكافر في القبر للسؤال، ثم


(١) "شرح الطيبي" (١/ ٢٨٨).
(٢) "تفسير البيضاوي" (٥/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>