وقد قيل: إنه كان لا يتيسر منه -صلى اللَّه عليه وسلم- في صورة الإنشاد أيضًا ولا يجيء موزونًا، واللَّه أعلم.
ومعنى الحديث: أني إن فعلت هذه الأشياء كنت ممن لا يبالي بما فعله من الأفعال مشروعة كانت أو غيرها، ولا يميز بين المشروع وغيره، والمقصود تذميم هذه الأشياء وتقبيحها، أما الترياق فلأنه يجعل فيه من الأشياء المحرمة مثل لحوم الأفاعي والخمر، ولو عمل ترياق ليس فيه منها فلا بأس، وقال بعضهم: الأولى والأحوط تركه عملًا بإطلاق الحديث، وأما التعلق بالتميمة فلما علم من أن المراد بها تمائم الجاهلية التي هي من شعار المشركين، وأما الشعر فإن المذموم منه إن كان شعر الزور وما لا يعني، لكن الحق تعالى وتقدس نزه ساحة النبوة عنه وعصمه منه مطلقًا، فهو في حقه -صلى اللَّه عليه وسلم- نقص ووبال، وإن كان محمودًا وممدوحًا في غيره، وهذا كمال خاص به -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإن أطلق الترياق والتميمة، وكان المقصود بيان توكل خاص به -صلى اللَّه عليه وسلم- أو كان الغرض تنبيه الأمة على التوكل وترك المعالجات والحيل، وتعريضًا ببيان حالهم على طريقة قوله تعالى:{وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي}[يس: ٢٢] لم يبعد.
٤٥٥٥ - [٤٢](المغيرة بن شعبة) قوله: (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل) يعني أن ذلك وإن كان مباحًا لكن مقام التوكل والتفويض وترك الأسباب أعلى وأرفع، وإن كان المراد مع اعتقاد المؤثرية والعلية فهو شامل لجملة الأسباب والمعالجات، ولا يختص بالكي والاسترقاء، وقد مرّ الكلام في الكي وتطبيق الأحاديث الواردة فيها، فتذكر.