للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ٨٦٧].

١٤٢ - [٣] وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَبْغَضُ النَّاسِ. . . . .

ــ

وقوله: (وكل بدعة ضلالة) قال القاضي عياض (١): كل ما أحدث بعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فهو بدعة، والبدعة فعل ما لم يسبق إليه، فما وافق أصلًا من السنة يقاس عليها فهو محمود، وما خالف أصول السنن فهو ضلالة، ومنه: (كل بدعة ضلالة)، انتهى. يعني أن قوله: (كل بدعة ضلالة) عام مخصوص البعض.

وقد قسموا البدعة: بدعة هدى وبدعة ضلالة، فمن الأول ما كان تحت عموم ما ندب الشارع إليه، وحض عليه، فلا يذم لوعد الأجر عليه لحديث: (من سن سنة حسنة)، وفي ضده: (من بن سنة سيئة)، ومن الثاني ما كان بخلاف ما أمر به فيذم وينكر عليه، وما فعله الخلفاء الراشدون فهو أيضًا بدعة حسنة، بل في الحقيقة سنة لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين)، و (اقتدوا باللذين من بعدي؛ أبي بكر وعمر).

وقسموها إلى ما هو واجب كعلم النحو، وحفظ غريب الكتاب والسنة، وسائر ما يتوقف عليه حفظ الدين، ومندوب كبناء الربط والمدارس، ومكروه كزخرفة المساجد وترويق المصحف على قول البعض، ومباح كالتبسط في أنواع الأطعمة والمباحات التي لم يكن في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومحرم كمذاهب سائر أهل البدع والأهواء مما يخالف السنة ويغيرها، والبدعة أكثر ما يستعمل عرفًا في مقام الذم والتهجين، فتدبر.

١٤٢ - [٣] (ابن عباس) قوله: (أبغض الناس) أي: من المسلمين إذ ليسوا أبغض الناس كلهم حتى الكفار، وإنما كانوا أبغض لأنهم زادوا على أصل الذنب،


(١) "مشارق الأنوار" (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>