للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا أَصُومُ النَّهَارَ أَبَدًا وَلَا أفْطِرُ، وَقَالَ الآخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَيْهِمْ فَقَالَ: "أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ للَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ،

ــ

وقوله: (أما أنا فأصلي) قد سبق (١) أن (أما) قد يجيء في أول الكلام للاستئناف فلا حاجة ههنا إلى تقدير شيء، ويجوز أن يجعل هنا للتفصيل فيقدر أما رسول اللَّه فلا حاجة له إلى الاستكثار لكونه مغفورًا، وأما أنا فلست مثله فلابد لي من الاستكثار، والظاهر عدم تقدير المعطوف عليه لعدم الواو.

وقوله: (فأصلي) أي: عهدت أن أصلي الليل كله أبدًا، أي: مدة عمري، أو يكون (أبدًا) بمعنى استيعاب أجزاء الليل فيكون في معنى كله.

وقوله: (أنا أعتزل النساء) فلا أتزوج كأنه لم يكن لذلك الرجل امرأة، فيكون المعنى: أنا أقصد اعتزال النساء فلا أنكح بعد أبدًا، وإن كانت له امرأة فالمعنى: أطلقهن فلا أتزوج بعده، فافهم.

وقوله: (أنتم الذين) بحذف همزة الاستفهام الإنكاري.

وقوله: (أما واللَّه إني لأخشاكم) أكد الحكم بكونه أخشى غاية تأكيد بأنواع مؤكدات، وهي: حرف التنبيه، لئلا يغفل السامع عن سماعه، والقسم وإن واللام والجملة الاسمية، (للَّه) إنما زيدت اللام لأن أفضل التفضيل لا يعمل في المفعول به بلا واسطة وإلا فخشي متعد بنفسه.

وقوله: (لكني أصوم وأفطر) يعني وإن كان يرى في الظاهر أن الكمال في


(١) في شرح خطبة الكتاب، وتحت حديث (١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>