للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سِتِّينَ سَنَةً، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَنَ الْجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، وَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ، فَاتَاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكَ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ"، قَالَ: . . . . . .

ــ

إلى قربه تعالى من جهة لطفه ورحمته بعباده، وبُعده من حيث الكبرياء والعظمة، وذكر لفظ البعيد بعد القريب والقريب بعد البعيد إيماء إلى أنه في عين قربه بعيد، وفي بعده قريب من جهتين لا يتقيد بأحدهما، فليفهم.

وقوله: (أنت وذاك) من قبيل: كل رجل وضيعته، أي: أنت وهذا المطلوب مقرونان، أي: الاختيار لك إن جعلت له من عمرك فلا بأس.

وقوله: (فأتاه) أي: لما بلغ تسع مئة وأربعين، يفهم ذلك من سياق الكلام.

وقوله: (ولكنك جعلت لابنك داود ستين سنة) اعلم أنه ذكر فيما سبق في (باب الإيمان بالقدر) عكس ما ذكر هنا، فهناك جعل عمره أولًا ستين سنة، فجعل له آدم من عمره أربعين، ولا يرى ذلك إلا سهوًا من الراوي، وفي الحديثين اختلاف من غير هذا الوجه أيضًا، فتدبر.

وقوله: (فجحد) المراد به قوله: (قد عجلت، قد كتب لي ألف سنة) فهو في صورة الجحد، فكأنه عطف تفسيري له، فيكون هذا في حكم المعاريض التي قد صدرت مثلها من الأنبياء، وإلا فالجحد والإنكار صريحًا كيف يتصور وهو كذب، أو يكون هذا مبنيًا على النسيان، وأما الذرية فقد جحدوا صريحًا وتعمدًا، هذا ما يخطر لي في توجيهه، ولم أر من الشراح من ذكر فيه شيئًا.

وأما النسيان في قوله: (فنسي) فهو إشارة إلى ما ذكر في قوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>