وجه التحية لا يكفر، ولكن يصير آثمًا مرتكبًا للكبيرة.
وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه قال: لا بأس بأن يقبل الرجل وجه الرجل إذا كان عالمًا أو زاهدًا، يريد بذلك إعزاز الدين، ويكره تقبيل امرأة فم امرأة عند الوداع أو اللقاء، وإن طلب أحد من عالم أو زاهد أن يرفع قدميه ليقبله لا يرخص، ولا يجيب إلى ذلك، ولا بأس بالقبلة للولد الصغير بل مأجور فيها، وقيل: تقبيل الرجل ولده واجب ذكرًا أو أنثى على وجه الشفقة والرحمة، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقبل رأس فاطمة، ويقول:(إني لأجد ريح الجنة)، وكان إذا قدم من السفر بدأ بها فعانقها، وقبّل رأسها، كذا في السغناقي.
وأما ما ذكر في بعض الكتب من أن وجدان رائحة الجنة من تقبيل فاطمة من جهة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أكل ليلة المعراج من فاكهة الجنة، ومنها كان علوق فاطمة فخطأ؛ لأن ولادتها -رضي اللَّه عنها- قبل النبوة بخمس سنين حين بنت قريش البيت، وقيل: ولدت سنة إحدى وأربعين من الفيل، ولا يجب أن يكون وجدان رائحة الجنة منها من جهة ما ذكر، بل يجوز أن يكون لها رائحة مثل رائحة أوراد الجنة وأزهارها، كما كان يوجد لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رائحة طيبة.
ويقال: القبلة على خمسة أوجه: قبلة المودة، وهي قبلة الوالدين للولد على الخد، وقبلة الرحمة، وهي قبلة الولد لوالديه على الرأس، وقبلة الشهوة وهي قبلة الزوج للزوجة على الفم، وقبلة التحية وهي قبلة المؤمنين فيما بينهم على اليد، وقبلة الشفقة وهي قبلة الأخت للأخ على الجبهة؛ وإذا كان تقبيل يد غيره لدنياه وثروته وشوكته في الدنيا فهو مكروه أشد كراهة، وفي هذا فروع ومسائل كثيرة مذكورة في موضعها.