للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً". مُتَفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٦١٠١، م: ٢٣٥٦].

ــ

بعيد عن اللوم.

وقوله: (إني لأعلمهم باللَّه) يدل على عدم الفرق بين العلم والمعرفة بتخصيص الأول بالكليات، والثاني بالجزئيات، اللهم إلا أن يراد أعلمهم بأحكام اللَّه.

وقوله: (أصنعه) إما حال من الشيء أو صفة له؛ لأن اللام في الشيء للعهد الذهني إذ ليس الشيء المذكور للعهد الخارجي كما قال الطيبي (١)، وإن كان مقتضى إعادة النكرة معرفة ذلك بل المراد أي شيء كان مطلقًا، ولذا قال: أصنعه، ولم يقل: صنعته، وهذا المعنى أجيد وأفيد، فافهم.

وقوله: (وأشدهم له خشية) (٢) اعلم أنه قد ذكر في كتب النحو أنه يتوصل في الفعل الذي يمتنع بناء أفعل منه كالمزيد من الثلاثي، والذي من الألوان والعيوب بنحو أشد، وأما أنه لا يتوصل به ولا يورد مثل هذا التركيب في غيره إذا أريد المبالغة فلا، وقد ذكر في قوله تعالى: {فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة: ٧٤] أنه إنما لم يقل: أقسى لما في (أشد) من المبالغة والدلالة على اشتداد القسوتين واشتمال المشبه على زيادة كأنه قيل: اشتدت قسوة الحجارة وقلوبهم أشد قسوة، فمن قال: القياس أخشاهم؛ لأن التوصل بأشد إنما يكون في الفعل الممتنع بناء أفعل منه لم يأت بشيء.


(١) "شرح الطيبي" (١/ ٣٠٣).
(٢) إِشَارَةٌ إِلَى الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ، وَقَدَّمَ الْعِلْمَ عَلَى الْخَشْيَةِ لأَنَّهَا نَتِيجَتُهُ، وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨] قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا أَبْلَغُ مِنْ أَخْشَاهُمْ عَلَى الأَصْلِ فَإِنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ وَجُعِلَ أَشَدَّ، ثُمَّ فُسِّرَ بِخَشْيَةٍ لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الأَشَدَّ نَفْسَهُ خَشْيَةٌ. "مرقاة المفاتيح" (١/ ٢٢٩)، وقوله: "أعلمهم باللَّه" إشارة إلى القوة العلمية. "مرعاة المفاتيح" (١/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>