عطشًا وعناء، وهم في مفازة لا ماء فيها، فقالوا لأمية: هل عندك من حيلة أو غناء؟ فقال: لعلها، ثم ذهب حتى جاوز كثيبًا، فرأى ضوء نار على بُعد، فأتبعه حتى أتى على شيخ في خباء، فشكا إليه ما نزل به وبصحبه، وكان الشيخ جنيًّا، فقال: اذهب فإذا جاءتكم فقل: باسمك اللهم سبعًا، فرجع إليهم وهم قد أشرفوا على الهلكة، فلما جاءتهم الجنيّة قالوا ذلك، فقالت: تبًّا لكم، مَن علَّمكم، فذهبت وأخذوا إبلهم، وكان فيهم حرب بن أمية جد معاوية، فقتلته بعد ذلك الجن بثأر تلك الجنّية، وقالوا فيه شعرًا:
وقَبْرُ حَرْبٍ بمكانٍ قفر ... وليس قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ
ذكر هذا كله في (الكوكب المنير لشرح الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير).
وروي أنه كان أمية متدينًا متعبدًا في الجاهلية، وكان حريصًا على استعلام النبي الموعود من العرب، وكان يرجو أن يكون نفسه، فلما أخبر أنه من قريش منعه الحسد من الإيمان به -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وذكر ابن الجوزي في (كتاب الوفاء): أنه لما سمع منهم علامات نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقول: لئن ظهر وأنا حي لأبلِيَنَّ اللَّه في نصره عذرًا، فلما ظهر -صلى اللَّه عليه وسلم- نكص على عقبيه، وقال: ما كنت لأومن برسول من غير ثقيف أبدًا، وكان هو من ثقيف. وذكر في سماع أمية علامات نبوته -صلى اللَّه عليه وسلم- حكايات عجيبة، فعليك بـ (كتاب الوفاء).
وقوله:(هيه) بكسر الهاء وسكون الياء بمعنى (إيه)، و (إيه) اسم فعل، وهو بغير تنوين أمر باستزادة حديث معهود، وبه بغير معهود، و (إيهًا) بالنصب للتسكيت