فإن قلت: قد وصف الكتاب كله بالمحكم حيث قال تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ}[هود: ١] ووصفه بكونه متشابهًا حيث قال: {كِتَابًا مُتَشَابِهًا}[الزمر: ٢٣]؟ قلنا: المراد بالإحكام هناك حفظه من فساد المعنى وركاكة اللفظ، وبالتشابه أنه يشبه بعضه بعضا في صحة المعنى وجزالة اللفظ، كذا قال البيضاوي (١). ولا يذهب عليك أنه لا يلزم من هاتين الآيتين الحكم على الكل بالإحكام والتشابه فلا تناقض، فتدبر، واللَّه أعلم.
وقوله:(فإذا رأيت) في أكثر الروايات بفتح التاء على الخطاب العام، وفي بعضها بكسرها خطابًا لعائشة -رضي اللَّه عنها-، ورواية مسلم تؤيد الأول.
١٥٢ - [١٣](عبد اللَّه بن عمرو) قوله: (هجرت إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-) هجَّر وتهجَّر وأهجر: سار في الهاجرة، والهاجرة اشتداد الحر في نصف النهار، ويجيء بمعنى نصف النهار عند زوال الشمس من الظهر، أو من عند زوالها إلى العصر؛ لأن الناس يسكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، والتهجير في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (المتهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة).