للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧]، قَالَتْ: . . . . .

ــ

من جهة الشروط التي بها يصح الفعل، أو غير ذلك.

وبالجملة هو ما تطرق إليه الاشتباه والاحتمال بوجه من الوجوه، غير أن المتشابه منه ما يكون مشتبها بوجه ومبينًا بوجه آخر، ومنه ما يكون مشتبهًا على الإطلاق، والمتشابه من وجه يجوز للعلماء الفحص عنها بل يجب عليهم تبيينها، فهو متشابه بالنسبة إلى من لم يتقنه رواية ودراية، وعليه أن يتحذر من التعرض له، وأما المتشابه على الإطلاق فيجب الإيمان به، وترك التعرض للكيفية، والتوقي عن استعمال الرأي فيه، فمنه صفات اللَّه سبحانه التي لا تعرف كيفية لها، وأحوال القيامة التي لا سبيل إلى إدراكها بالقياس إلا أنها معرَّفة على لسان الشارع بمسميات الجنس، فيلزمه الوقوف على الحد الذي أوقفنا عليه، والتسليم لما يخبر به عن الغيب، فمن ابتغى التجاوز عن الحد المحدود في هذا القسم فهو من أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه، قاله التُّورِبِشْتِي (١).

بل نقول: كل من اتبع المتشابه من الوجه الذي هو متشابهٌ بذلك الوجه فهو من الذين {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ} أي: طلبِ أن يفتنوا الناس عن دينهم بالتشكيك والتلبيس عن مناقضة المحكم بالمتشابه، {وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} أي: طلبِ أن يؤوّلوه على ما يشتهونه، والأول يناسب حال المعاند، والثاني يلائم حال الجاهل، والمراد بالتأويل ههنا ما يَؤول إليه حقيقة معناه، والذي يجب أن يحمل عليه، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} بهذا المعنى {إِلَّا اللَّهُ}، فالتأويل بهذا المعنى لا يعلم إلا اللَّه فيما ذكر من المتشابهات، والمقصود من إنزال المتشابهات ابتلاء قلوب العلماء وإظهار عجزهم ووقوفهم على


(١) "كتاب الميسر" (١/ ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>