للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ". . . . .

ــ

به كمنع: ابتدأ، والشيء: فعله ابتداء، ومن أرضه: خرج.

وقوله: (سيعود كما بدأ فطوبى للغرباء) في (مجمع البحار) (١): أي: كان الإسلام في أول أمره كوحيد لا أهل عنده لقلة المسلمين، (وسيعود) أي: يقلون في آخر الزمان، (فطوبى للغرباء) أي: للمسلمين في أوله وآخره لصبرهم على أذى الكفار ولزومهم الإسلام، قيل: معناه في المدينة، وظاهره العموم، ويفسر الغرباء بالنُّزَّاع من القبائل، وقيل: هم المهاجرون، انتهى.

وشرح هذا الكلام ما ذكره الطيبي (٢) أن الإسلام إما أن يجري على الحقيقة، فالكلام على تشبيه بالغريب، فالوحدة والوحشة ترجع إلى الإسلام باعتبار ضعفه وقلة المسلمين، أو يراد بالإسلام المسلمون بقرينة الوصف بالغربة، فالوحدة والوحشة ترجع إلى المسلمين، وهم نُزَّاع القبائل، أي: غرباؤها، جمع نزيع بمعنى الغريب، والمهاجرون، وهذا وإن كان مجازًا فهو الظاهر المفهوم بالمتبادر، وقوله: (فطوبى للغرباء) ناظر إليه، وقول النووي: قيل: معناه في المدينة، يعني أن غربة الإسلام في المدينة أولًا وآخرًا؛ لأنه منها بدأ وبها تبوأ وإليها يعود، كما جاء في الحديث الآتي على تأويل، لكن الظاهر أن يراد غربته محمومًا في المدينة وفي كل البلاد، لأن الإسلام يبدأ في كلها غريبًا، ويعود في آخر الزمان غريبًا، وبما ذكرنا ظهر أن المراد بقوله: (فطوبى للغرباء) أي: المتمسكين بالإسلام حال قلته أولًا وآخرًا، وقد يسبق إلى الفهم أن المراد به الإشارة لمن تمسك به في آخر الزمان، فافهم.


(١) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٢٠).
(٢) "شرح الطيبي" (١/ ٣٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>