للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٧٢ - [٥] وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: . . . . .

ــ

من حيث إن الحياء قد يخل ببعض الحقوق ويمنع عنها، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسؤال عن العلم مثلًا، والجواب أن هذا المعنى الذي ذكرتموه ليس بحياء حقيقة، بل هو عجز وجبن، ويسمى حياء بحسب اللغة، وحقيقة الحياء في الشرع: خلق يبعث على ترك القبيح الشرعي، انتهى.

ولعل الصواب أن معنى الحياء انقباض النفس عن ارتكاب القبيح طبعًا وشرعًا، لكن المحمود والممدوح في الشرع أن يكون القبيح شرعيًّا حرامًا أو مكروهًا أو ترك الأولى، فالأظهر في الجواب ما ذكر في بعض الحواشي أن هذه الكلية -أعني الحياء خير كله- مخصوصة بأن يكون موافقًا لرضا الحق، فتدبر.

وأما استحياؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الأمر بإخراج الذين استأنسوا بالحديث بعد الطعام مع أنه كان حقًا كما أخبر اللَّه سبحانه، فإنما كان قبل أن يوحى إليه، وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- مأمورًا بائتلافهم وإيناسهم، وإنما كان يفوته حق نفسه من التفرغ لأهله، فكان قبيحًا عنده، فاستحيا منه، فلما أخبر أنه يؤذيه، وإيذاؤه -صلى اللَّه عليه وسلم- حرام، كف عن الاستحياء وتركه، وهو المراد من قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣]، واستحياؤه من عثمان -رضي اللَّه عنه- بستر فخذه بعد أن تركها مكشوفة عند دخول أبي بكر وعمر -رضي اللَّه عنه- فإنما كان من جهة أن عثمان كان حييًّا كما ذكره -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان يتأذى من رؤيتها مكشوفة، فكان كشفها عنده خلاف الأولى؛ فاستحيا منه، فافهم، واللَّه الموفق.

٥٠٧٢ - [٥] (ابن مسعود) قوله: (إن مما أدرك الناس) بالرفع أو بالنصب على الفاعلية أو المفعولية.

<<  <  ج: ص:  >  >>