للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. [حم: ٢/ ٣٩٤، ت: ١٩٦٤، د: ٤٧٩].

ــ

بالباطل، فاغتر هو، والغِّر بالكسر، والخب بالفتح: الخدّاع الجرْبُزُ، ويكسر، وفي (الصراح) (١): غر بالكسر: كار نا آزموده، خب بالفتح والكسر: مرد فريبنده وكربُز، وفي (النهاية) (٢): الخب بالفتح: الخداع، وهو الجربز الذي يسعى بين الناس بالفساد، وقد تكسر خاؤه، والمصدر بالكسر لا غير، ومعنى الحديث على ما قرر في (النهاية): أن المؤمن ليس بذي مكر فهو ينخدع لانقياده ولينه، أي: المؤمن المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر، وترك التجنب عنه، وليس ذلك منه لجهله، بل لكرمه وحسن خلقه.

وقد تقرر بأنه سليم الصدر وحسن الظن بالناس، ولم يجرب بواطن الأمور، ولم يطلع على دخائل الصدور، وهذا يكون في أمور الدنيا وما يتعلق بحقوق نفسه، ويعد الأمر في ذلك سهلًا، ولا يبالي ولا يهتم به، وأما في أمر الآخرة فهو متيقظ مشتغل بإصلاح دينه، والتردد لمعاده، ومع ذلك نبه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: (لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين)، أنه لا ينبغي له أن ينخدع، تعليمًا للجزم، وقد سبق أنه عام في أمر الدنيا والآخرة، وقيل: ذلك مخصوص بأمر الآخرة، وأما المنافق فهو خداع مكار يسعى بين الناس بالفساد والمخادعة والمكر، مفتش فتان لا يسامح ولا ينخدع ولا يرضى به عن نفسه، وإن انخدع أحيانًا، فليس ذلك لعلمه واختياره ورضاه.


(١) "الصراح" (ص: ٢٦، و ٢٠٣).
(٢) "النهاية" (٢/ ٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>