للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَشْوُهَا لِيفٌ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ادْعُ اللَّهَ، فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسَ وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لَا يَعْبُدُونَ اللَّه، فَقَالَ: "أَوَفِي هَذَا أَنْتَ يَا بْنَ الخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا". وَفِي رِوَايَةٍ: "أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟ ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. [خ: ٢٤٦٨، م: ١٤٧٩].

ــ

وقوله: (حشوها ليف) في (القاموس) (١): الحشو: ملء الوسادة وغيرها بشيء، وما يجعل فيها حشو أيضًا، والحشية كغنية: الفراش المحشو، أي: كانت الوسادة محشوة بالليف بكسر اللام وسكون الياء: قشر النخلة، وفي (الصراح) (٢): ليف بالكسر: يوست درخت خرما ليفته يكي، فهو مكان القطن المحشو في الوسائد.

وقوله: (ادع اللَّه) أي: ادع اللَّه أن يوسع، ثم طلب عمر التوسعة من عند نفسه بقوله: (فليوسع) على صيغة أمر الغائب استعجالًا للإجابة، وقال الطيبي (٣): الظاهر نصبه ليكون جوابًا للأمر، فافهم. ثم لما أجل عمرُ -رضي اللَّه عنه- شأنَه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يطلب توسعة الدنيا لنفسه الشريفة وفيها من القوة ما يتحمل، وله الأجر العظيم عند اللَّه ما ليس لغيره، وشأنه أعلى وأعز من الكل، وخاف صعوبة الفقر وشدته على الأمة الضعيفة أن لا يتحملوه، خصَّ طلبَ الدعاء بالأمة، ومع هذا شدد -صلى اللَّه عليه وسلم- الإنكار عليه وخاطبه من غير ذكر اسمه، بل نسبه إلى أبيه الذي كان من الجاهلين الغافلين عن نعيم الآخرة وثوابها، وقال: أتطلب هذا وفي هذا المقام أنت يا بن الخطاب؟


(١) "القاموس المحيط" (ص: ١١٤٧).
(٢) "الصراح" (ص: ٣٦٣).
(٣) "شرح الطيبي" (٩/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>