وأما ما اشتهر في هذا الحديث من زيادة (ثلاث) فلم أقف عليها إلا في موضعين من (الإحياء)، وفي تفسير آل عمران من (الكشاف)، وما رأيتها في شيء من طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش، ويذلك صرح الزركشي، فقال: إنه لم يرد فيه لفظ (ثلاث)، قال: وزيادته محيلة للمعنى؛ فإن الصلاة ليست من الدنيا، قال: وقد تكلم الإمام أبو بكر بن فورك على معناه في جزء، ووجه ما ثبت فيه (الثلاث)، ونحوه قول شيخنا في تخريج الرافعي تبعًا لأصله، وقد اشتهر على الألسنة بزيادة (ثلاث)، وشرحه الإمام أبو بكر بن فورك، وكذلك ذكره الغزالي، ولم نجد لفظ (ثلاث) في شيء من طرقه المسندة.
قال الولي العراقي في (أماليه): ليست هذه اللفظة -وهي (ثلاث) - في شيء من كتب الحديث، انتهى كلام السخاوي (١).
فعلم أن لفظ الحديث الذي اتفق عليه الأئمة (حبب إلي الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة)، ولا إشكال فيه، وجاء في بعض الطرق (من الدنيا) أو (من دنياكم)، وفي بعض الكتب وقع (ثلاث)، فإن كان أحدهما فلا إشكال أيضًا، وإن كانا جميعًا كما يدور على ألسنة فيوجه تارةً بأن المراد من كونها من الدنيا وجودها فيها، أي: في حياة هذا العالم لا كونها مما يذم من الدنيا، فحاصله أنه حبب إلي في هذا العالم ثلاثة، اثنان منها من الأمور الطبيعية الدنياوبة، والثالث من الأمور الدينية، وأخرى بأنه لم يذكر الأمر الثالث الدنياوي ملالة وسآمة منها، وعدل إلى الأمر الديني على طريقة التكميل، ودفع توهم أن لذته ومحبته للطيب ومعاشرة النساء لم تكن بحيث