للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تشغله عن الحق ومناجاة الرب تعالى، ويجوز أن يكون الأمر الثالث الغير المذكور في هذا الحديث هو الخيل كما جاء في حديث آخر عن أنس: لم يكن أحب إليه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد النساء من الخيل، رواه النسائي، ويحتمل أن يكون هو الطعام كما علم من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها-، واللَّه أعلم.

وإذا اشتغلنا وبادرنا بذكر طرق الحديث ذهلنا عن شرح الحديث وبيان معناه، فاعلم أن في قوله: (حبب) إشارة إلى إيداع محبة هذه الأشياء في قلبه -صلى اللَّه عليه وسلم- من اللَّه، ولم يكن ذلك باختيار منه وتكلف، ولا بد أن ما حببه اللَّه تعالى إلى حبيبه يكون محبوبًا مرغوبًا إلى اللَّه تعالى، وفيه منافع ومصالح لا يعلمها إلا اللَّه ورسوله، وكذلك قوله: (جعلت قرة عيني في الصلاة) يدل على أن ذلك بجعل اللَّه وفعله تفضيلًا منه وتكريمًا وتقريبًا لنبيه من جانب شهوده وقربه، ولم يكن لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حالة فرح وسرور وذوق وشهود أتم من الصلاة، وكانت معراجًا له -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولذلك كان يقول: (أرحنا يا بلال) أي: اجعلنا في راحة، وأشغلنا بها عن التوجه إلى ما سوى الحق.

وقرة العين كناية عن الفرح والسرور، والفوز بالبغية، والوصول بالمحبوب، لأن القرة إما من (القر) بفتح القاف بمعنى القرار والثبات؛ لأن العين تستقر بالنظر إلى المحبوب وتطمئن ولا تلتفت إلى جانب آخر، والمرء في حالة السرور ووجدان المقصود يسكن ويستقر في مكانه، وبالنظر إلى غير المحبوب يشمئز ويلتفت يمينًا وشمالًا، وكذلك في حال الخوف والفزع كما يفهم من قوله: {تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [الأحزاب: ١٩].

أو مشتق من (القر) بضم القاف بمعنى البرد، وبرد العين ولذتها في مشاهدة

<<  <  ج: ص:  >  >>