وروي بالضم واحد العيدان، يريد ما ينسج به الحصير من طاقاته وشطباته، وبالفتح مع ذال المعجمة، كأنه استعاذ من الفتن، وأشهر الثلاثة بمضمومة ومهملة، ثم بمفتوحة فمعجمة أو مهملة، ومعناه على الأول: تدخل الفتن في القلوب فتنة بعد فتنة كما يدخل العود في الحصير واحدًا بعد واحد، وقيل: شبه عرضها عليها بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدًا بعد واحد، وقيل: يلصق بعرض القلوب -أي: بجانبها- كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيها، وعلى الثاني نعوذ باللَّه عوذًا بعد عوذ، كما يقال بعد ذكر الكفر والعصيان: نعوذ منه أو معاذ اللَّه، وعلى الثالث يعاد ويكرر مرة بعد مرة، ثم الرواية على تقدير ضم العين والدال المهملة بالرفع والنصب، والرفع على تقدير المبتدأ، أي: وهو عود عود، والجملة حالية، والنصب على الحالية، والمراد بالفتن الاعتقادات الفاسدة أو أعم، والأول أظهر.
واعلم أن لفظ الحديث على ما ذكر في (مشارق الأنوار)(١) للقاضي عياض هكذا: (تعرض الفتن على القلوب كالحصير أو عرض الحصير عودًا عودًا)، وقال في حرف الحاء مع الراء: قيل: معناه تحيط بالقلوب، يقال: حصر به القوم: إذا أحدقوا به، وقيل: حصير الجنب: عرق يمتد معترضًا على جنب الدابة إلى ناحية بطنها، شبهها بذلك، وقال ثعلب: الحصير: لحم يكون في جانب الصلب من لدن العنق إلى المتين، وقيل: أراد عرض أهل السجن واحدًا واحدًا، والحصير: السجن، وقيل: تعرض بالقلوب، فتلصق بها لصق الحصير بالجنب وتأثيرها فيه وبقاء آثارها بأعوادها في الجلد إذا لزقت به، وإلى هذا كان يذهب من شيوخنا سفيان بن العاص والوزير