و(الجذر) بفتح الجيم وبكسر وسكون الذال المعجمة: الأصل، يعني أنها نزلت وثبتت في قلوب رجال اللَّه تعالى باعثة على أن يعلموا بنورها حقيقة الدين وأحكام الشرع من القرآن والسنة، نبَّه على أن خلق الهداية وإرادتها من اللَّه سبحانه وتعالى في قلوب المؤمنين سابق على إرسال الرسل وتنزيل القرآن حتى اهتدوا إلى الإيمان به والانقياد لأحكامه وقبولها، وقد يقال: إن (ثم) هنا للتراخي في الرتبة، وهذا أحد الحديثين الذي قال حذيفة:(رأيت أحدهما في أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في عصره وحضرته -صلى اللَّه عليه وسلم-)، والحديث الآخر هو الذي أشار إليه بقوله:(وحدثنا عن رفعها)، أراد به ارتفاع كمال ثمر الإيمان وانتقاصه شيئًا فشيئًا بعده -صلى اللَّه عليه وسلم-.
وقوله:(ينام الرجل النومة) الظاهر أن المراد يغفل عن التذكر لآيات اللَّه تعالى، وعن التدبر في كتاب اللَّه تعالى والتنبه لسنة رسوله، وهو مقابل لقوله:(ثم علموا من القرآن والسنة)، (فتقبض) بلفظ المجهول (الأمانة) أي: بعضها، وينقص بعض ثمر الإيمان؛ لقوله:(فيظل) أي: يصير (أثرها) أي: أثر الأمانة، والأثر ما بقي من رسم الشيء، يعني ترفع الأمانة عن القلوب عقوبة على الذنوب وترك النظر والتدبر، حتى إذا استيقظوا وتفحصوا عن أحوال قلوبهم ونظروا فيها لم يجدوا قلوبهم على ما كانت عليه، ويبقى أثر من الأمانة تارة مثل الوكت وتارة مثل المجل، و (الوكت) بفتح الواو وسكون الكاف جمع وكتة، وهي الأثر في الشيء كالنقطة من غير لونه، وقيل: هي نقطة بيضاء تظهر في سواد العين، و (المجل) غلظ الجلد من العمل، يقال: مجلت