للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَالْكُوزِ مُجَخِّيًّا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ. [م: ١٤٤].

٥٣٨١ - [٣] وَعَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا: "إِنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ". . . . .

ــ

وقوله: (مجخيا) حال من (الكوز)، والعامل فيه معنى الفعل الذي في الكاف، وهو بضم الميم وفتح الجيم قبل الخاء المعجمة المكسورة، أي: مائلًا، يقال: جخَّى الليل: إذا مال ليذهب، وفي (القاموس) (١): جَخَّى المصلي تجخية: خَوَّى في سجوده، والليل: مال، والشيخ: انحنى، ومنه الحديث: (كالكوز مجخيا)، انتهى.

والمعنى لم يبق فيه خير كالكوز المجخى لا يبقى فيه ماء، فلم يبق فيه معرفة معروف وإنكار منكر، ولم يبق سوى ما قبل من الاعتقادات الفاسدة والشهوات النفسانية، وهذا هو موت القلب، أعاذنا اللَّه من ذلك.

٥٣٨١ - [٣] (وعنه) قوله: (إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال) يحتمل أن يراد بالأمانة التكاليف الشرعية التي كلف اللَّه به عباده، ونزولها في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢]، والمراد بنزولها ورودها وثبوتها في القلوب وأصلها الإيمان، ويدل عليه قوله في آخر الحديث: (وما في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان)، ويحتمل أن يراد معناها المشهور كما يدل عليه قوله: (ولا يكاد واحد يؤدي الأمانة)، ونزولها بنزول الإيمان لتضمنه إياها، والأظهر هو الأول؛ لكونه الأصل والعمدة، ويتضمن الأمانة وغيرها من الأحكام الشرعية.


(١) "القاموس المحيط" (١١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>