وثانيها: أن البيت هو القبر، والمراد أجرة حفر القبر قيمة العبد لكثرة الموتى وقلة الحفار، وترتب قوله:(حتى إنه يباع القبر بالعبد) على المعنى الأول ظاهر، وعلى الثاني بإرادة استئجار الحافر من بيع القبر.
وثالثها: أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها، فيباع بيت بعبد مع أن قيمة البيت على ما هو الغالب المتعارف تكون أكثر من قيمة العبد, فيراد بالقبر البيت.
ورابعها: أنه لا يبقى في البيت إلا عبد يقوم بمصالح أهل ذلك البيت.
وقال الطيبي (١): على هذين الوجهين الأخيرين لا يحسن موقع (حتى) حسنُها على الوجهين الأولين، انتهى.
وحقيقة الحال أنه لا يصح موقع (حتى) على الوجه الأول من هذين الوجهين الأخيرين لعدم المناسبة بينهما، وأما على الوجه الأخير فيجوز أن يقال: إنه لما ماتوا ولم يتركوا مالًا ولم يبق من الأموال إلا هذا العبد, فإذا مات أحد من أهل البيت يباع هذا العبد في اشتراء موضع القبر وأجرة الحفر، فيباع موضع القبر بالعبد, ويتخذ في أجرة حفره، فافهم.
وقوله:(تصبر) على لفظ الأمر من باب التفعل، وفي بعض النسخ:(تصبر) على صيغة المضارع من الصبر.