التسوية، وليست التسوية داخلة في مفهومها، بل هو إيصال كل ما هو حقه ونصيبه من جانب المعطي، والمعنى الثاني: هو الذي نقلنا من التُّورِبِشْتِي عبارته، وهو دال على التسوية في القسمة، هذا، ولكن لا يظهر وجه تخصيص المعنى الأول بكون قوله:(وإنما أنا قاسم) حالًا من فاعل (يفقهه)، والمعنى الثاني بكونه حالًا من مفعوله، بل الظاهر أنه يجوز الحمل على كل من المعنيين على كل من التقديرين، فليتأمل.
ثم قد قيل: أراد -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله:(وإنما أنا قاسم) قسمة المال، وقال هذا القول لئلا يكون في قلوبهم شحنة ونكير عن التفاضل في القسمة، فإنه من أمر اللَّه وأن اللَّه معطيه، وهذا المعنى صحيح ظاهر من اللفظ، لكن سوق الكلام ورعاية التناسب بين أول الكلام وآخره يأبى عنه ويحكم بأن الظاهر هو المعنى الأول، ولعل الذاهب إلى هذا القول عنده حديث آخر صريح في قسمة المال فبعثه إلى شرحه بهذا المعنى، لكن هذا الحديث بهذا اللفظ المذكور ظاهر في خلافه.
وقيل: وجه المناسبة أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- خص بعضهم بزيادة مال لمقتض، فتعرض بعض من خفي عليه المقتضي، فعرض -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن من أريد به الخير يفهم في أمور الدين، ولا يخفى عليه المقتضي، ولا يتعرض لما ليس على وفق خاطره إذ الأمر كله للَّه، وهو المعطي والمانع، كذا في (مجمع البحار)(١) نقلًا عن الكرماني.