للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: ٢]، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ؟ قَالَ: "أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلًا وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ"،

ــ

العددين تقليل عدد المؤمنين وتكثير عدد الكافرين، ويمكن حمل حديث أبي سعيد على جميع ذرية آدم، ويحمل حديث أبي هريرة على من عدا يأجوج ومأجوج.

ويستأنس لهذا التأويل بأن يأجوج ومأجوج ذكروا في حديث أبي سعيد دون حديث أبي هريرة، ويحتمل أن يكون الأول يتعلق بالخلق أجمعين، والثاني مخصوص بهذه الأمة المرحومة، وأن يكون المراد بـ (بعث النار): الكفار ومن يدخل النار من العصاة، فيكون من كل ألف تسع مئة وتسعين كافرًا، ومن مئة تسعة وتسعين عاصيًا، كذا قال الشيخ ابن حجر (١).

وقوله: ({وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا}) قال المفسرون: إنه في معنى الشرط أي: إن وجدت ذات حمل، وأول بعضهم بأن ذلك قبل قيام الساعة، أي: عند أشراطها، لكن صدر الحديث لا يلائمه، نعم وقد وقع في التنزيل وضع الأحمال في زلزلة الساعة وذلك في أشراطها، وقيل: يحتمل أن يبعث من يكون حاملًا، انتهى.

أقول: وهكذا ينبغي أن يؤول في الصغار بأنهم يبعثون صغارًا فيشيبون، ثم يجعلون في الجنة شبابًا، والظاهر أن هذا كناية عن شدة المحنة والهم والحزن من غير نظر إلى خصوص معاني المفردات، واللَّه أعلم.

وقوله: (وأينا ذلك الواحد؟ ) لما سمعوا أن أهل الجنة واحد من ألف استعظموا ذلك واستشعروا الخوف منه، بأنه لما كان الأمر كذلك كان أهل الجنة أقل قليل، فمن


(١) "فتح الباري" (١١/ ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>